إذا صح أن أطرافا داخلية وأخرى خارجية تقف وراء عمليات الانفلات الأمنى والبلطجة التى تحدث فى مصر الآن مستهدفة زعزعة الاستقرار وتقزيم البلد، فمن حقنا أن نعرف على وجه الدقة من تكون تلك الأطراف. وما كان لى أن أطرح هذا السؤال لولا أن الذى نسب إليه الكلام هو عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة اللواء مختار الملا، وقد نشرته صحيفة «المصرى اليوم» يوم الخميس الماضى 5/5، فى تقريرها عن أولى ندوات المجلس العسكرى التى أطلقت لمناقشة موضوع «مصر الديمقراطية»، وكان عنوان حلقة الحوار الذى أداره اللواء الملا هو: الأمن وآليات تحقيقه فى الظروف الراهنة.
صحيح أن من تقاليد خطابنا الإعلامى الذى خبرناه فى ظل النظام السابق أن ينسب كل اضطراب فى البلد إلى «قلة مندسة» وإلى «أصابع خارجية»، كما أن ذلك الخطاب دأب على الادعاء فى كل مناسبة بأن «مصر مستهدفة»، دون أن يقال لنا على ماذا حسدوا مصر، وقتذاك، ولا من هم أولئك الحساد فى تلك المرحلة. كانت الرسالة الموجهة إلى الملا تقول ما خلاصته إن الجبهة الداخلية مستقرة وكله تمام، إلا أن عدو الداخل الإستراتيجى هو الإخوان المسلمون أما عدو الخارج فقد كان الثلاثى: حماس وحزب الله وإيران. أما العدو الإستراتيجى المتمثل فى إسرائيل فقد كان من الناحية العملية حليفا إستراتيجيا. بقدر ما أن الرئيس السابق كان كنزا إستراتيجيا لإسرائيل، كما ذكر الوزير الإسرائيلى بن اليعازر.
إذ نفترض أن الوضع اختلف الآن، بحيث أصبح النظام الجديد أكثر أمانة وشفافية. فإنه لم يعد يكفى ــ ولا يشفى ــ أن يقال لنا على لسان عضو فى المجلس العسكرى إن ثمة جهات داخلية تسعى لإثارة الفوضى والانفلات الأمنى فى البلد، وإن هناك جهات أخرى خارحية حريصة على ذلك وساعية إلى تقزيم مصر وإضعاف دورها. وحتى لا يحال الأمر إلى مجهول، أو يحمل على الخبرة السابقة التى شهدناها فى عصر مبارك. فقد بات مهما للغاية، ومفيدا أيضا، أن نعرف ما إذا كان «الأعداء» المفترضون فى الأمس هم أنفسهم الأعداء المرشحون اليوم أم ماذا؟
ربما كان الشق الخاص بالداخل أكثر وضوحا من وضع الخارج. أعنى أنه الأقرب إلى الاذهان الآن أن يكون الطرف المستفيد من إشاعة الفوضى فى الداخل هم بالدرجة الأولى أنصار النظام السابق والمسئولون عن جرائمه من بين ضباط أمن الدولة، والهاربون من السجون الذين ربما انضموا إلى عصابات البلطجة التى أنعشتها الأجواء الراهنة ووفرت لها فرصة لبسط النفوط ونهب الأرض وابتزاز الأهالى. ولا يستطيع المرء أن يخفى حيرته إزاء الأسئلة التى يثيرها هذا الجانب. وإذ يفترض أن أركان النظام السابق أصبحوا رهن الاعتقال، فإن السؤال عن دور «لفلولهم» يظل واردا، كما أن التساؤل عن هوية مواقع تلك الفلول يصبح ملحا. ثم إن هناك سيلا من الأسئلة التى تثار حول دور الشرطة وبقايا جهاز أمن الدولة السابق. صحيح أن الوضع الأمنى تحسن نسبيا لكن من الصعب القول بأن الأمن مستقر تماما، فى ظل ما نسمعه كل يوم عن أعمال البلطجة فى أنحاء البلاد، والاضطرابات التى تحدث فى السجون جراء محاولة هروب نزلائها وجرأتهم على رجال الشرطة وهو ما يفسر بأحد احتمالات ثلاثة.
إما أن تكون وزارة الداخلية الحالية غير قادرة على حفظ الأمن. وفى هذه الحالة ينبغى أن يتولاها من هو قادر على النهوض بالمهمة. أو أن بعض القيادات الأمنية متقاعسة عن أداء دورها لأسباب تتعلق إما بخبراتها أو ارتباطاتها السابقة، وهو ما ينبغى أن يعامل بما يستحقه من حزم. وإما أن الإخلال بالأمن لم يقابل بالردع الكافى، رغم أن الوضع القانونى يسمح الآن بالوصول بالعقوبة فى هذه الحالة إلى الإعدام. وهو ما يعنى أن الأمر ينبغى أن يؤخذ على محمل الشدة والجد.
خلاصة الكلام فى هذا الشق أن مصطلح «الفلول» ينبغى أن يحرر ولا يطلق هكذا فى الفضاء الإعلامى والسياسى مجهلا، حتى تتضح الصورة فى الأذهان، ويتعرف الرأى العام على موطن الداء ومصدر البلاء.
المطلب ذاته نطرحه فيما يتعلق بالقوى الخارجية الساعية إلى تقزيم مصر، ذلك أنه لم يعد ينطلى علينا الادعاء بأن حماس وحزب الله وإيران لهم مصلحة فى إشاعة الفوضى أو انهيار الوضع فى مصر، لأن خصومة تلك الأطراف كانت مع النظام السابق. ومصر العفية الغيورة على كرامتها واستقلالها أقرب إليها من «مصر مبارك». وليس سرا أن فى مقدمه الأطراف التى تضررت من الوضع الجديد ولم تكن سعيدة به دولتان هما الولايات المتحدة وإسرائيل. إذ الأولى فوجئت به والثانية صدمت فيه وتوجست منه. فهل هذا ما قصده اللواء الملا فى إشارته إلى الأطراف الخارجية التى تريد تقزيم مصر. وهل هناك طرف ثالث لا نعرفه ولا نراه ــ الشعب يريد أن يفهم.
صحيح أن من تقاليد خطابنا الإعلامى الذى خبرناه فى ظل النظام السابق أن ينسب كل اضطراب فى البلد إلى «قلة مندسة» وإلى «أصابع خارجية»، كما أن ذلك الخطاب دأب على الادعاء فى كل مناسبة بأن «مصر مستهدفة»، دون أن يقال لنا على ماذا حسدوا مصر، وقتذاك، ولا من هم أولئك الحساد فى تلك المرحلة. كانت الرسالة الموجهة إلى الملا تقول ما خلاصته إن الجبهة الداخلية مستقرة وكله تمام، إلا أن عدو الداخل الإستراتيجى هو الإخوان المسلمون أما عدو الخارج فقد كان الثلاثى: حماس وحزب الله وإيران. أما العدو الإستراتيجى المتمثل فى إسرائيل فقد كان من الناحية العملية حليفا إستراتيجيا. بقدر ما أن الرئيس السابق كان كنزا إستراتيجيا لإسرائيل، كما ذكر الوزير الإسرائيلى بن اليعازر.
إذ نفترض أن الوضع اختلف الآن، بحيث أصبح النظام الجديد أكثر أمانة وشفافية. فإنه لم يعد يكفى ــ ولا يشفى ــ أن يقال لنا على لسان عضو فى المجلس العسكرى إن ثمة جهات داخلية تسعى لإثارة الفوضى والانفلات الأمنى فى البلد، وإن هناك جهات أخرى خارحية حريصة على ذلك وساعية إلى تقزيم مصر وإضعاف دورها. وحتى لا يحال الأمر إلى مجهول، أو يحمل على الخبرة السابقة التى شهدناها فى عصر مبارك. فقد بات مهما للغاية، ومفيدا أيضا، أن نعرف ما إذا كان «الأعداء» المفترضون فى الأمس هم أنفسهم الأعداء المرشحون اليوم أم ماذا؟
ربما كان الشق الخاص بالداخل أكثر وضوحا من وضع الخارج. أعنى أنه الأقرب إلى الاذهان الآن أن يكون الطرف المستفيد من إشاعة الفوضى فى الداخل هم بالدرجة الأولى أنصار النظام السابق والمسئولون عن جرائمه من بين ضباط أمن الدولة، والهاربون من السجون الذين ربما انضموا إلى عصابات البلطجة التى أنعشتها الأجواء الراهنة ووفرت لها فرصة لبسط النفوط ونهب الأرض وابتزاز الأهالى. ولا يستطيع المرء أن يخفى حيرته إزاء الأسئلة التى يثيرها هذا الجانب. وإذ يفترض أن أركان النظام السابق أصبحوا رهن الاعتقال، فإن السؤال عن دور «لفلولهم» يظل واردا، كما أن التساؤل عن هوية مواقع تلك الفلول يصبح ملحا. ثم إن هناك سيلا من الأسئلة التى تثار حول دور الشرطة وبقايا جهاز أمن الدولة السابق. صحيح أن الوضع الأمنى تحسن نسبيا لكن من الصعب القول بأن الأمن مستقر تماما، فى ظل ما نسمعه كل يوم عن أعمال البلطجة فى أنحاء البلاد، والاضطرابات التى تحدث فى السجون جراء محاولة هروب نزلائها وجرأتهم على رجال الشرطة وهو ما يفسر بأحد احتمالات ثلاثة.
إما أن تكون وزارة الداخلية الحالية غير قادرة على حفظ الأمن. وفى هذه الحالة ينبغى أن يتولاها من هو قادر على النهوض بالمهمة. أو أن بعض القيادات الأمنية متقاعسة عن أداء دورها لأسباب تتعلق إما بخبراتها أو ارتباطاتها السابقة، وهو ما ينبغى أن يعامل بما يستحقه من حزم. وإما أن الإخلال بالأمن لم يقابل بالردع الكافى، رغم أن الوضع القانونى يسمح الآن بالوصول بالعقوبة فى هذه الحالة إلى الإعدام. وهو ما يعنى أن الأمر ينبغى أن يؤخذ على محمل الشدة والجد.
خلاصة الكلام فى هذا الشق أن مصطلح «الفلول» ينبغى أن يحرر ولا يطلق هكذا فى الفضاء الإعلامى والسياسى مجهلا، حتى تتضح الصورة فى الأذهان، ويتعرف الرأى العام على موطن الداء ومصدر البلاء.
المطلب ذاته نطرحه فيما يتعلق بالقوى الخارجية الساعية إلى تقزيم مصر، ذلك أنه لم يعد ينطلى علينا الادعاء بأن حماس وحزب الله وإيران لهم مصلحة فى إشاعة الفوضى أو انهيار الوضع فى مصر، لأن خصومة تلك الأطراف كانت مع النظام السابق. ومصر العفية الغيورة على كرامتها واستقلالها أقرب إليها من «مصر مبارك». وليس سرا أن فى مقدمه الأطراف التى تضررت من الوضع الجديد ولم تكن سعيدة به دولتان هما الولايات المتحدة وإسرائيل. إذ الأولى فوجئت به والثانية صدمت فيه وتوجست منه. فهل هذا ما قصده اللواء الملا فى إشارته إلى الأطراف الخارجية التى تريد تقزيم مصر. وهل هناك طرف ثالث لا نعرفه ولا نراه ــ الشعب يريد أن يفهم.